01/10/2022 - 21:37

حوار مع سعيد زيداني | نجاح التجمع هو الحل لأن إخفاقه سيضر الجميع

وجب علينا كلنا العمل على إنجاح قائمة التجمع حتى لو كنا ناقدين لها ومختلفين معها، ولا يسعني من موقعي المتواضع والبعيد نسبيا إلا أن اوصي أهلنا خيرا بالتجمع

حوار مع سعيد زيداني | نجاح التجمع هو الحل لأن إخفاقه سيضر الجميع

من حملة انتخابية للتجمع (أرشيف Gettyimages)

انتخابات الكنيست القريبة التي ستجري يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، هي خامس انتخابات خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يعبر عن "أزمة سياسية" تتمثل بالفشل في تشكيل حكومة تحظى بأغلبية برلمانية في ظل الانقسام الحاد في الشارع الإسرائيلي بين معسكرين متقاربين من حيث القوة، الأول هو معسكر رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، والثاني هو المعسكر المناوئ له.

بروفيسور سعيد زيداني

وبالرغم من أن التنافس المحتدم بين المعسكرين رفع من قيمة الصوت العربي والأحزاب التي تمثله، بعد أن جرى إقصاؤها لسنوات طويلة عن دائرة الشرعية، فإن الانجراف وراء وهم التأثير المزعوم من جهة، وتكرار الجولات الانتخابية وما تفرضه من إعادة بناء التشكيلات والتحالفات الانتخابية في كل مرة من جديد، في ظل نسبة الحسم المرتفعة، تحول من "نعمة" إلى نقمة على أحزابنا العربية التي بدأت في انتخابات 2015 بقائمة مشتركة انضوى الجميع تحت لوائها وحصلت تباعا على 13 و15 مقعدا، وانتهت على أعتاب الانتخابات الحالية بثلاث قوائم تتوزع بين مشارك في ائتلاف حكومة لبيد - غانتس الحالية والمحتملة، وبين داعم محتمل لها من الخارج، وبين رافض للمشاركة في لعبة المعسكرات الإسرائيلية، هذا في حين يتهدد نظريا خطر عدم عبور نسبة الحسم القوائم الثلاث إذا لم ترتفع نسبة الحسم وبقيت على حالها.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" أستاذ الفلسفة في جامعة القدس، بروفيسور سعيد زيداني، حول الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وإشكاليات الصوت العربي والتباينات القائمة بين القوائم التي تمثله وحظوظها في النجاح وفي "التأثير" على مجريات السياسة الإسرائيلية.

"عرب 48": بعد سنوات من الإقصاء ونزع الشرعية التي عانت منها الأحزاب العربية، جاءت عملية التوصيات ووهم التأثير وإسباغ الشرعية الكاملة والجزئية وما أعقبها من تنازلات وانزلاقات لتثبت مرة أخرى عدم قدرة الأحزاب العربية في التأثير على القرار السياسي في إسرائيل، وأنه سيتم استخدامها في أحسن الأحوال لترجيح كفة معسكر على آخر مقابل بعض الفتات كما حصل مع القائمة الموحدة..

زيداني: أنت تعرف أن الحاجة هي أم الاختراع وأن اليمين المهيمن على السياسة الإسرائيلية قادر على نزع الشرعية أو إسباغها حسب الحاجة السياسية، وهذا ما حصل مع القائمة الموحدة ويؤمل أن يتم سحبه على القائمة المشتركة (الجبهة والطيبي) بعد خروج أو إخراج التجمع الذي يعتبر الأكثر راديكالية من وجهة نظر إسرائيلية.

ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن أزمة الأحزاب العربية ليست جديدة بل هي ملازمة لها، فإذا تتبعنا مسيرة التجمع كمثال وعلى مدى ربع قرن نرى أنه توحد وانشطر وتوحد وانشطر، مع الجبهة والطيبي والموحدة معا في المشتركة وكل على حدة، وخاض الانتخابات منفردا أكثر من مرة.

وبتصوري فإن هناك قضيتين مهمتين تحكمان اتحاد الأحزاب وتفرقها، الأولى هي قضية المحاصصة واجتياز نسبة الحسم والحصول على حصة الحزب المعني من مقاعد الكنيست، والثانية هي القضية السياسية. وللإنصاف فإن القضية السياسية لا تقل أهمية عن قضية المقاعد حيث أثبتت التجربة أن قضية المقاعد لم تكن في غالبية الحالات سببا كافيا للانشطار.

في القضية السياسية نلاحظ أن الحركة الإسلامية أو القائمة العربية الموحدة تركز على القضايا الاجتماعية، المدنية والدينية، فيما يركز التجمع على القضايا الوطنية العليا، الهوية القومية ومناهضة الأسرلة والقضية الفلسطينية، ودولة جميع مواطنيها، وقضايا الأسرى وغيرها، أما الجبهة فإنها تحاول أن توازن بين هذه وتلك أي القضية المدنية والقضية الوطنية، وهذا حال الطيبي الذي يقتفي أثرها أيضا.

"عرب 48": قلت إن الجبهة تحاول الموازنة بين القضية الوطنية والقضية المدنية، ولكن ليس دائما بنجاح، حيث نلاحظ في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ تشكيل المشتركة وتولي أيمن عودة لرئاستها، رجوح كفة القضايا المدنية على الوطنية، وخصوصا في ظل نهج التوصيات والتأثير..

زيداني: التوصيات لها علاقة بانقسام الساحة السياسية الإسرائيلية إلى معسكرين شبه متساويين، حيث بات كل منهما أو أحدهما بحاجة لبعض من أصوات المشتركة لترجيح كفته من أجل الحصول على أغلبية برلمانية تؤهله لتشكيل الحكومة، هنا دخل ما يسمى في المسرح الدرامي بالإله الذي يأتي من خارج الحبكة والمقصود في هذا السياق غانتس - لبيد، وهما يقولان إنه بعد أن حصلت الموحدة على الشرعية لا حرج بأن يحصلا على دعم خارجي من المشتركة من دون التجمع.

"عرب 48": أنا أتحدث عن اختلال لصالح القضايا المدنية والتفريط بالقضية الوطنية، وخصوصًا إذا أدركنا أن الحديث لا يجري عن حكومة رابين التي قدمت "تنازلات" في القضية الوطنية بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتوقيع اتفاقية سلام معها، إلى جانب الامتيازات في القضية المدنية، بل عمن لا يعتبران رئيس السلطة الفلسطينية، على كل علاته، شريكا..

زيداني: نعم، هناك اختلال لصالح القضايا المدنية حدث في السنوات الأخيرة تحت جناح المشتركة، انساق التجمع أيضا في تياره لبعض الوقت قبل أن يراجع نفسه وينتقد موقفه، ويمتنع عن التوصية ويُخرج نفسه من هذه الدائرة.

وبلا شك فإن التباين الأيديولوجي القائم من الأساس بين التجمع والجبهة إلى جانب المحاصصة الخاسرة، هو ما يقف وراء "الانفجار" الأخير الذي قاد لتفكك المشتركة، وهو تفكيك ربما يكون لصالح لبيد ويخدم التشكيل الحكومي الذي يسعى إليه، ولكن لا أعتقد أن لبيد هو من أحدثه.

علينا أن نتذكر أيضا أن التجمع يعاني من قضية الشطب منذ دخوله الكنيست قبل ربع قرن، كما أن أعضاءه لم يشعروا بارتياح في الكنيست، لا د. عزمي بشارة الذي كان لديه هذا الشعور ولا حنين زعبي ولا د. باسل غطاس.

التجمع لم يرتح في الكنيست كما يرتاح له الآخرون، وخصوصًا أن الحزب الشيوعي والجبهة شاركا في الانتخابات منذ العام 1949، ولا توجد لديهما مشكلة أيديولوجية مع الموضوع.

"عرب 48": يجب ألا ننسى أيضا أنه في الفترة الأخيرة كانت "عصا السلطة" مسلطة فوق رأس التجمع، وربما ذلك ما حدا به إلى الانحناء قليلا والبقاء تحت سقف المشتركة، رغم أنه كان يزداد انخفاضا؟

زيداني: المشتركة قامت على برنامج حد أدنى سياسي متفق عليه وبرنامج كان بالإمكان الاستمرار في الالتفاف حوله لولا أن التباين الأيديولوجي والمحاصصة أديا إلى الانفجار.

"عرب 48": استخدامك لكلمة انفجار يعني أن طرفا معينا أو أكثر تحمل لفترة طويلة لم يعد قادرا بعدها على التحمل أكثر..

زيداني: أنت تذكر قضية التناوب والحيثيات المرتبطة بها قبل سنوات، كما أن المناكفات بين كوادر الحزبين ليست بالجديدة. أنت كبتت كثيرا ولم تعد تستطع التحمل أكثر، لأن استمرار التنازل في المحاصصة وفي البرنامج السياسي يعني تهميشك وتذييلك، بمعنى وضع الجبهة في المركز وعلى جانبيها التجمع والطيبي.

كما أن قانون القومية الذي ربما شكل نقطة البداية لهذه التوترات، لم يسبب للجبهة المشكلة التي سببها للتجمع، فهي قد وافقت على قرار التقسيم وإقامة دولة يهودية في العام 1947، فيما هو ينسف دولة جميع المواطنين التي ينادي بها التجمع مثلما ينسف الحقوق الجماعية للمجموعة القومية التي يتوخى تمثيلها وتنظيمها.

"عرب 48": هناك من يدعي أن التجمع أقدم على "مغامرة" سياسية عندما خاض الانتخابات بقائمة مستقلة بعد تفكك المشتركة..

زيداني: هي مخاطرة لا أعرف كم هي محسوبة، إلا أن خروج التجمع يخلق واقعا انتخابيا جديدا، يمكن في أسوأ الحالات أن يؤدي إلى سقوط كل القوائم العربية وفقدان التمثيل العربي بالكنيست نهائيا، ويمكن أن يؤدي إلى سقوط قائمتين وخسارة أكثر من نصف التمثيل، أو خسارته وحده وخسارة بعض التمثيل، ويمكن أن يفضي إلى نجاح كل القوائم وزيادة هذا التمثيل إذا ارتفعت نسبة التصويت عند العرب.

كما أن الموضوع يتعلق بالزاوية التي يتم النظر إليه منها؛ فمن زاوية نظر الجبهة والعربية للتغيير والموحدة تعني هذه الخسارة، في حال وقعت، التقليل من التأثير النظري للعرب، وبالنسبة للبيد وغانتس تعني انخفاض عدد مقاعد المعسكر المناوئ لنتنياهو، وبالنسبة للتجمع نجاحه بمثابة الحل الأمثل وإخفاقه ضربة صعبة ليس فقط لشركائه بل للحزب نفسه أيضا، كما أنه سيُتهم بالمغامرة والمقامرة وحرق الأصوات.

من هنا يتوجب علينا كلنا العمل على إنجاح قائمة التجمع حتى لو كنا ناقدين لها ومختلفين معها، ولا يسعني من موقعي المتواضع والبعيد نسبيا إلا أن اوصي أهلنا خيرا بالتجمع.

التعليقات